منذ فصل الدولار عن الذهب في عهد نيكسون 1971 واقرار وثيقة الاليات الحديثة للمال. اصبحت جميع العملات في العالم دون استثناء تتمتع بقيمة اعتبارية “Fiat money” وثيقة اليات النقود الحديثة ارست اسس النظام المصرفي الحالي وفحواها ان البنوك تستطيع الاحتفاظ ب 10% من جميع ودائعها ومنح 90% منها على شكل قروض بفوائد. البنوك المركزية تخلق المال عبر ما يعرف ب”التيسير الكمي”. والبنوك الخاصة “تخلق” المال عبر القروض وفوائدها.
المنظومة المصرفية الجديد انهت مشكلة الحاجة الى الرأسمال. فاذا كانت هنالك حاجة الى رأسمال يتم خلق الرأسمال.
هل تحتاج الى شراء الة جديدة لمصنعك. ابرا كدابرا .. يضع البنك ارقام في حساباتك. هل تريد شراء سيارة، جهاز تلفاز. اي شيء.
وبهذا دخلنا العالم الاستهلاكي. حيث نشتري اشياء لا نحتاجها باموال لا نملكها وعندما تستطيع الشركات بيع المزيد فانها تستطيع توظيف المزيد من العمال. وستفتتح افرع لشركات المبيعات بالمفرد في كل مكان وستوظف تلك الشركات عمال اضافيين. وهكذا تزداد فرص العمل في القطاع الخدمي والصناعي والزراعي من باعة وتجار وغيرهم. واغلبهم يقومون باعمال لا قيمة لها. ولا تضيف اي شيء مادي يذكر.
ظهرت ايضا فقاعة العقارات في اطار نظام الديون. حيث اصبح بمقدورك الحصول على قرض لشراء منزل. وبسبب استمرار خلق المال فأن سعر المنزل يرتفع بعد حين. وفجأة فان منزلك الذي اشتريته بمئة الف دولار اصبح قيمته مليون دولار. مما يعني انك اصبحت تملك 900 الف دولار. وبذلك تستطيع استدانة مبلغ لترميم المنزل بضمانة اموالك في العقار. او انك تستطيع بيع المنزل وشراء منزل اكبر عبر استدانة مبالغ اكبر. وهكذا دخل الجميع في فخ ما يعرف بسلسلة بونزي “Ponzi scheme”. واخذت اسعار العقارات تتضخم الى ارقام خيالية.
وما ينطبق على العقارات ينطبق على اسواق الاسهم والسندات حيث خلقت الديون السخية فقاعة في هذه الاسواق. اسعار الاسهم لم تعد مرتبطة بقيمة الشركات الحقيقية. بل بالمضاربات والمقامرين.
حسنا .. الآن
تنفجر فقاعة الديون عندما يعجز مرة واحدة اعداد كبيرة من الافراد والشركات عن دفع ديونها بسبب التباطوء الاقتصادي والبطالة. الامر الذي يؤدي الى افلاس البنوك والمصارف التي ستتساقط الواحدة تلو الاخرى كأبراج مبنية من ورق.
اما الاستمرار في ضخ المال في الاسواق لانقاذها فأن هذا سيحط من قيمتها في ظل استمرار تراجع النمو الامر الذي يدفع الافراد والشركات الى النأي عن العملات وتعويضها باشياء ذات قيمة مادية. كالمعادن وغيرها. وسرعان ما ينتشر الهلع حول عملة ما. كالدولار او اليوان مثلا. تكون تلك الدولة قد سقطت اقتصاديا وسياسيا في فوضى عارمة.
فقاعة الديون كانت بحاجة الى خرم صغير لتنفجر. وفيروس الكورونا عمل الف خرم في المنظومة مرة واحدة.
كل ما رايناه من انتعاش وازدهار كان مبني على منظومة الديون. وبزوال هذه المنظومة سندخل عصر من الفوضى العارمة، لن نخرج منها سوى عبر تغيير جذري.
إشترك ليصلك إشعار بمجرد مايتم نشر أخبار جديدة في هذا القسم