تعد الثور المائية أساسا في تقدم وتطور ونمو الدول خاصة من الجانب الاقتصادي والذي يعتمد سواء من الناحية الصناعية أو الزراعية على هذه المادة التي تعتبر أساسية وجد ضرورية في حياة الإنسان، وهذا مادفع الدولة الجزائرية إلى التفكير مليا في رفع الرهان على الاستغلال الجيد لهذه الثروة الطبيعية التي تزخر بها البلاد، والتي من شأنها أن تقدم الإضافة في الاقتصاد الوطني بالإضافة إلى تحقيق الإكتفاء الذاتي في عدة مجالات والتي تعتمد أساسا على الثروة المائية.
ويعتبر سد كدية لمدور الواقع شرق بلدية تيمقاد بولاية باتنة والمتربع على مساحة 590 كلم مربع أحد أكثر الأمثلة الشاهدة على استغلال هذه الثروة، السد الذي انطلقت أشغاله سنة 1992 والذي تم إنجازه في شهر مارس من سنة 2003 أين دشنه فخامة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في شهر أكتوبر من نفس السنة، وهذا في إطار استغلال الموارد الطبيعية وتوفير المياه الصالحة للشرب لمواطني كل من ولاية باتنة و ولاية خنشلة التي تبعد عنه بحوالي 75 كلم ،هذا بالإضافة إلى توفير مياه السقي الموجهة للقطاع الفلاحي بمحيط كل من بلديات الشمرة، بولهيلات، أولاد فاضل، وعين التوتة، سد كدية لمدور والذي تبلغ طاقة إستعابه 74 مليون كلم مكعب وهو رقم لا يستهان به من الناحية الإحصائية، السد وإن كان يعتمد أساسا على مياه الأمطار والتي يتحكم منسوبها السنوي في طاقته الإنتاجية و طاقة الإستعاب فإنه إستفاد أيضا مؤخرا من ربطه بخط إستعجالي لتحويل المياه من سد بني هارون والذي اشرف على تدشينه الوزير الأول الاسبق عبد المالك سلال سنة 2014، وهذا بعد الانخفاض الملحوظ في منسوب المياه في السنوات الأخيرة أين عانت المنطقة من شيء من الجفاف و نقص معتبر في كمية الأمطار المتساقطة ما أضطر القائمين على السد بمحاولة تدارك هذا النقص من خلال توصيله بشبكة ممتدة من ولاية ميلة إلى غاية بلدية تيمقاد وبطاقة إستعابية تصل إلى 300 مليون كلم مكعب في السنة.
المياه الموجهة للشرب أكثر سلامة للمواطن من المياه الجوفية
سد كدية لمدور والذي يستمد مياه الأمطار من واد الربع، يتخطى يوميا حاجز توزيع 200 ألف كلم مكعب من المياه التي توجه للشرب أي ما يعادل 6 ملايين كلم مكعب شهريا، هذه المياه التي تقف على معالجتها محطة معالجة المياه المتواجد مقرها بالسد والتي دخلت حيز الإنجاز في سنة 2005 في حين انطلقت في مباشرة عملها في سبتمبر 2007 و تحتوي أساسا على قانتين واحدة موجهة للمياه الصالحة للشرب والثانية موجهة للإنتاج الفلاحي، واللتان يختلفان في خصائصهما من الناحية التنقية خاصة وأن كل نوع من المياه يحمل خصائص متميزة، كما أن عملية معالجة المياه في هذا السد يشرف عليها خبراء ومختصين في هذا المجال من قبل الجزائرية للمياه وهذا من أجل ضمان أمن وسلامة المواطن بالإضافة إلى مراقبة من قطاع الصحة من أجل زيادة نسبة الأمان، وتعتبر المياه السدود المحلات من الناحية الطبية أكثر سلامة على صحة الإنسان من المياه الجوفية أو مياه الينابيع، وتمر عملية معالجة على عدة مراحل فبعد أن يتم سحب المياه من المأخذ تذهب إلى المزج ثم التخثير لتليها عملية الترسيب والتي تتم في أحواض خاصة حيث يتم ترسيب جل المواد العالقة في المياه لتتبعها عملية الترشيح والتي يتم خلالها إزالة ما تبقى من الشوائب بعد عملية الترسيب لتتبعها المرحلة الأخيرة ألا وهي عملية التعقيم من أجل ضمان تام لسلامة المواطن، ويحاول السد في آفاقه وبحلول السنوات القادمة للوصول إلى توزيع 80 مليون كلم مكعب من المياه الصالحة للشرب وتغطية كل المناطق التابعة لولايتي باتنة وخنشلة وتجاوزهما بإعطاء المياه لولاية بسكرة.
دعم النشاط الفلاحي لترقية الإقتصاد الوطني
وفي الجانب الفلاحي فقد تجاوزت المساحات المسقية والتي تعتمد أساسا على مياه سد كدية لمدور مساحة 17 ألف هيكتار المساحة التي يطمح القائمون على السد تجاوزها في قادم السنوات، ويعد دعم النشاط الفلاحي والزراعي نشاط ذو أولوية بالغة خاصة و أنه يعتبر نشاطا وفيرا وذو أهمية إقتصادية بالغة سواء على الصعيد المحلي أو الوطني وهذا ف من أجل الوصل إلى الاكتفاء الذاتي من الجانب الغذائي وتقليل صادرات هذا المجال خاصة وأن الجزائر تزخر بمساحة شاسعة و أراض خصبة صالحة لمثل هذه الأنشطة التي أصبحت توازي في السوق العالمية سوق البترول أو مايطلق عليه الذهب الأسود.
كما أن السد يحاول أن يواكب النشاط العالمي والذي يتمحور حول الاهتمام بالجانب البيئي، وهذا من خلال حملات تشجير سنوية، تعادل كل سنة 15 ألف شجيرة وهذا من أجل حماية البيئة وحماية التربة من الانزلاق والتقليل من توحل السدود بالإضافة إلى خلق مساحات خضراء تكون متنفس للعائلات في مختلف فصول السنة، خاصة وأن السد والمناطق الجاورة له تتميز بتعزيزات أمينة من قبل أعوان الأمن المتواجدين على مستوى السد.
استغلال الثروة السمكية أولوية من الأولويات
ويبدو أن ما يميز سد كدية لمدور هو تنوع نشاطاته فبغض النظر عن الخدمات التي يقدمها للمواطنين و كذا للجانب الفلاحي فهو يزخر بالموارد السمكية والتي حاول استغلالها بشتى الوسائل فكانت هناك اتفاقيات لما يسمى بالصيد القاري والتي تهدف أولا وبغض النظر على الجانب الاقتصادي والتجاري إلى التعريف بالثروة السمكية للمياه العذبة وتشجيع السياحة الداخلية وهذا ما دفع إدارة السد لتوقيع اتفاقيات مع وزارة الصيد البحري تحت إشراف الوكالة الوطنية للسدود و التحويلات من أجل استغلال أكثر احترافية لثورة السمكية بمعدلات معية من أجل ضمان التوازن البيئي، كما تقوم إدارة السد بتنظيم نشاط سنوي من أجل هواة الصيد وهو متمثل بمسابقة صيد أكبر سمكة ويتحصل من خلالها الفائز على هدايا و تكريمات معتبرة.
وتتكون الثروة السمكية في السد من أربعة أنواع تندرج كلها تحت فصيلة الشبوط، فهو يحتوي على فصيلة الشبوط الصيني و الفظي و الملكي إضافة إلى الشبوط ذو الفم الكبير وتعد هذه الفصيلة من الأسماك من الأسماك التي تحتاج لبيئة عذبة وتبرز أهميته من الناحية الغذائية، في حين يتغذى سمك الشبوط على العوالق والطحالب من داخل المياه ويلتهم في اليوم الواحد أكثر من 40 % من وزنها.
وفي إطار تخفيف المخاطر والحفاظ على أمن وسلامة المواطنين يسعى السد إلى أخذ كل التدابير الوقائية والتي تتعلق بخطر السباحة في مياهه المتوحلة والتي قد تتسبب خطر الموت وهذا بمحاولة توعية المواطن بحملات تحسيسية و توعوية بالإضافة إلى الدعاية الإعلامية و التنسيق مع مختلف الهيئات والإدارات على غرار قوات الدرك الوطني و رجال الحماية المدنية.
سد كدية لمدور واقع وآفاق
وعن آفاق السد يتحدث السيد بن شوري يقين مدير السد للبيان نيوز أنه خلال هذه السنة 2020 سيعمل السد على توجيه مياهه للجانب الصناعي والتي ستستفاد منها المصانع المحيطة به على غرار ملبنة الصومام ومصنع الأعلاف، كما أن السد يحاول رفع حصة المياه الموجهة لقطاع الزراعي والفلاحي وتوسيع رقعتها بالإضافة إلى تجاوز الرقم الحالي للمياه الصالحة للشرب والذي يصل إلى 30 مليون كلم مربع إلى 80 مليون كلم مربع، هذا موازاتا مع مواصلة حملات التشجير و مواصلة عملية بناء وتطوير الاستفادة من الثروات السمكية و مختلف ما يزخر به السد من ثروات ممكنة.
إشترك ليصلك إشعار بمجرد مايتم نشر أخبار جديدة في هذا القسم