بعد مرور اكثر من خمسة أشهر من ظهور اول حالة مؤكدة مصابة بفيروس كورونا، لا زالت الجزائر الى الان تغرق الى قاع الازمة بسرعة فائقة وخاصة خلال الخمسة عشر يوم الماضية من حيث عدد الاصابات المرعب الذي وصلت له 19 ولاية فقط من اصل 48، دون ان ننسى ان الجزائر كانت قد عرفت املا صغيرا وعودة الى سيرورة الحياة الطبيعية في الرابع عشر من شهر جوان الفارط، حيث اتى القرار من وزارة الصحة بعدما ترأى لها اننا تجاوزنا منطقة الخطر او ما يسمى بالذروة، لتكون النتائج كما هي الان، وعدم التحكم في الوضع السائر الى ما لا يحمد عقباه، لتكون أجزتئرش داخل فوهة مدفع فيروس لايرى حتى بالمجهر.
لا نار بلا وقود، واذا ما أسقطنا هذا المثال على الواقع فسيكون المواطن هو الوقود لهذه الازمة، وكذلك هو المعيار الذي يقاس به ويعرف من خلاله ان البلد في خطر، وحسب ما نشهده هذه الايام من خلال عدد المصابين الذين اقتربوا من عتبة 500 اصابة يوميا، التي سجلتها 19 ولاية، ( كباتنة، بسكرة، وهرن، الجزائر، قسنطينة، سطيف، بليدة .. ) ليصل العدد الاجمالي الى 19000 اصابة، مع عدد الوفيات الذي يترواح ما بين 12 و 8 وفيات يوميا، فقد خلف لدى الناس رعبا نفسيا و وسواس قهري، وخوفا من فراق الاهل والاصحاب، ونقل العدوى الى اناس ابرياء لا ذنب لهم سوى انهم لمسوا مكان ما بالصدفة لمسه احد من قبلهم حامل للفيروس، كما انهم شاهدوا سيناريوهات مشابهة، كما حدث في ايطاليا.
ومن جهته، وبدل الالتزام بالوقاية والحجر المنزلي، وبدل تغليب المنطق والعقل على القلب، بدأت الناس تتقاذف وترمي التهمة وتنسبها الى اناس آخرين، ليفعل هؤلاء الاخرين بالمثل، أي ان الكل يتهم الكل، عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي، حيث نرى الرواد يصورون في اماكن بها تجمعات كالاسواق الخ يلومون فيها أصحابها، وآخرين ينشرون فيديوهات مسربة من داخل المستشفيات و ما تمر به من اوضاع مزرية سواء الاطباء ام المرضى شفاهم الله، محملين المسؤولية على عاتق المسؤولين مطالبين بحل ينجيهم من هاوية محتومة واو على الاقل ان يظهروا الى العلن فقط ويطمئنوا قلوبهم، وعندما لم يجدوا تلبية لاصواتهم، أرجعوا اللوم على الشعب كما لو انهم ليسوا احد أفراده، وان لم يجدوا مرة اخرى اذنا صاغية، حددوا هدفا لرمي هذه الكتلة من الخوف وتنظيف الضمير، غضوا أبصارهم، واتهموا الاطباء بأنهم غير كفؤ لهذه المهنة.
وبين آثم، ومتهم، ومريض، وطبيب خارت قواه، أزمة تعيشها البلاد عبر 19 ولاية متضررة فاقدة لابرز متطلبات الاسعاف من اصل 48 ولاية، تحت سقف مزري، مع شعب يتهم نفس الشعب بأنه غير واعي، دون معرفة من هو المحق، ومن يجب ان نتبع خطاه، للحد من هذا الوباء الذي يكاد ان يحرق الاخضر واليابس.
وبين كل القرارات والاجتماعات التي قامت بها السلطات، وضع خارج عن السيطرة، ولا وجود لقارب نجاة سوى ان يلتزم الشعب بالامور الوقائية والتباعد والبقاء في المنزل.
إشترك ليصلك إشعار بمجرد مايتم نشر أخبار جديدة في هذا القسم